طرزت أحلامها وأحاكتها بالعزيمة والإصرار، وفي تصميماتها أظهرت المهارة والإبداع، هي إسراء مازن العويطي ذات الثلاثة وعشرين ربيعاً، وهي من ذوات الإعاقة حيث تعاني من عدم اكتمال في النمو في يدها اليسرى منذ الولادة. أنهت تعليمها الجامعي في مجال الصيدلة ولم يتسنى لها الحصول على فرصة عمل كغيرها من الخريجات، فلجأت إلى التطريز وشغل الصوف كسبيل للخلاص بعد أن أرهقها الفقر وذاقت مرارة الأيام، صممت أجمل قطع التطريز وأحاكت أجمل الثياب، كانت لوالدها خير مساعد، ووقفت بجواره جنباً إلى جنب عندما قست عليه الحياة، بمبلغ المال البسيط الذي تجنيه من عملها صانت ماء وجه أبيها وأفعمت منزلهم الصغير بالحياة.
جهود مستمرة بذلتها إسراء لتحصل على فرصة عمل ولكنها صدمت بردود قاسية من المشغلين كونها من ذوات الإعاقة وقناعتهم بأنها لن تكون قادرة على العمل كونها بيد واحدة. ولكن ذلك جعل اسراء تفكر بطريقة مختلفة وتتوجه لتعلم مهنة جديدة أملاً في أن تفتح لها أفقاً جديدة. تقول إسراء: “لم يمنحني أحد فرصة عمل، عملت بالتطريز والخياطة، ولكني حلمت بتعلم مهنة جديدة وأعمل فيها لأكون قادرة على إعالة أهلي ونفسي لأني فقدت الأمل أن أعمل في مجال الصيدلة”. وتستكمل اسراء: “التحقت ببرنامج إرادة عندما سمعت عن توفر فرصة تدريب ونجحت في المقابلة.”
كانت اسراء من ذوات الإعاقة اللاتي تم اختيارهن للاستفادة من مشروع “خلق فرص عمل للأشخاص ذوي الإعاقة” الذي يتم تنفيذه بتمويل من صندوق الأوبك للتنمية الدولية وبإشراف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP. التحقت اسراء للتدريب في مجال الحفر على الخشب اليدوي حيث تعلمت كيفية التشطيب الخشبي للمطرزات من صواني وصناديق وغيرها من المنتجات، إضافة لإنتاج الهدايا الخشبية المختلفة. وعن تجربتها بإرادة تقول اسراء :” أشعر بالفخر عندما أنجز المهمة المطلوبة مني في الورشة، وأشعر بسعادة عندما يقول لي مدربي بأني أحسنت صنعاً.”
التحاق اسراء بالتدريب المهني لم يطور مهاراتها المهنية فقط بل زاد ثقتها بنفسها، وساعدها لتصقل شخصيتها وتطور ذاتها. فعند سؤالها عن أثر التدريب عليها تقول اسراء: “بالتدريب وجدت ذاتي، زادت ثقتي بنفسي، وشعرت بالراحة والانتماء فلا فرق بين أحد منا، وطورت من خلاله مهاراتي.”
نجحت اسراء في التدريب وأثبت بأنها حتى وإن كانت بيد واحدة فهي قادرة على العمل في مهنة صعبة تعد مهنة الرجال فلا يوجد على مستوى قطاع غزة فتاة تنتج هذه المنتجات، والمثير للإعجاب بأن مدرب اسراء ” أحمد وائل زلوم” هو أيضاً من ذوي الإعاقة الحركية ويعاني من بتر في الساق، استطاع أن يتميز في إرادة ليصبح مدرباً بعد أن كان متدرباً في هذه الورشة. قدوة رائعة لإسراء زرعت بنفسها الأمل بغد أفضل.
أنهت اسراء مرحلة التدريب المهني بنجاح وهي حالياً تعمل في الورشة ضمن المرحلة الثانية من المشروع حيث يتقاضون راتب شهري مقابل عملهم. وتهدف هذه المرحلة لإكسابهم مزيداً من الخبرة وتحسين ظروفهم الاقتصادية بتوفير مصدر دخل لهم.
تحسن على حياة اسراء قد تحقق، وحلم جديد لإسراء أصبحت تسعى لتحقيقه بأن تنشأ ورشة خاصة بها بعد انتهاء مرحلة التشغيل، حلم لن يكون سهلاً في ظل قلة فرص التمويل المتوفرة لدعم المشاريع الصغيرة لذوات الإعاقة.
حلم آخر يراود اسراء حدثتنا عنه قائلة: “أحلم بالحصول على طرف اصطناعي متحرك، لأشعر بأني كغيري من البنات، ويسهل علي العمل” .