+97082641421

الإرادة مصدرٌ للقوة ومنبعٌ للسعادة

قوة الإنسان ليست في عضلاته المفتولة، وسعادته لا تكمن أبداً في ثروته وممتلكاته، فكم من غني عاش حزينا وكم من قوي عاش وحيدا، لكن الذي يجلب القوة للإنسان ويحقق له السعادة فمصدره ذاتي ينبع من داخل الإنسان، يتمثل في إرادته وعزيمته وهمته، فالإرادة والعزيمة كفيلة بأن يهزم الإنسان أكبر القوى التي تواجهه ويتحدى أعظم المشكلات التي تعترض حياته، لهذا لا يمكن أن تكون الإعاقة سببا لضعف الإنسان أو تعاسته طالما وجدت إرادة تتحدي وهمة تواجه هذه الإعاقة وتتغلب عليها،  بل قد تدفع الإرادة بصاحبها ليتفوق على نظرائه ويسطر أنصع صفحات التفوق والنجاح.

وكنموذج حي على تلك المعاني نطالع حكاية الفتاة علا زعرب البالغة من العمر 23 عاما من سكان مدينة رفح والتي ولدت بإعاقة بصرية فلم تستسلم لتلك الإعاقة ولم تقف مكتوفة الأيدي أمامها بل واجهتها بقوة إصرارها وإرادتها فأكملت دراستها الثانوية والتحقت بالجامعة متخصصة في العلاقات العامة والإعلام فتخرجت منها بتفوق، ورغم عدم حصولها على عمل بمجال تخصصها إلا أنها لم تفقد الأمل فالتحقت بمشروع خلق فرص العمل للأشخاص ذوي الإعاقة الممول من صندوق الأوبك للتنمية (أوفيد) وبإشراف UNDP   فقد مال قلبها وهواها للعمل في مجال الحفر والحرق على الخشب لما ينتج عنه من منتجات غاية في الروعة والجمال، فهي تعمل بنشاط في ورش التدريب والعمل وتشعر بالسعادة مع زملائها ومدرسيها في برنامج إرادة حيث تتدرب وتعمل، وتتقاضى مبلغ مالي ساعدها على تلبية احتياجاتها، وشعرت بالسعادة الغامرة لتمكنها لأول مرة من مساعدة أهلها وأن تكون مصدر عطاء في أسرتها التي تعاني من ظروف اقتصادية صعبة.

علا تحلم أن تفتتح معرضا خاصا بها لعرض منتجاتها وتتأمل أن تشارك في معارض دولية متخصصة في هذا المجال، لكي تعرض أعمالها وتوجد مصدر دخل خاص بها يعين والدها الذي يعمل سائقاً ولا يكفي دخله البسيط لاحتياجات عائلتها المكونة من 8 أفراد، فعلا تريد أن تقف إلى جانب والدها على الأقل لتوفير مصاريف علاجها الشهرية وتجمع المبلغ المالي اللازم لإجراء عملية جراحية في عينها. علا لا تعرف اليأس ولا تستسلم للصعوبات فهي فتاة مثابرة طموحة تمتلك من الإصرار ما يجعلها أقوى من الإعاقة وأكثر إقبالاً على الحياة.

أما النموذج الثاني فهو الشاب طارق موسى من مدينة رفح والبالغ من العمر 32 عاما، الذي التحق بمشروع خلق فرص العمل للأشخاص ذوي الإعاقة الممول من صندوق الأوبك للتنمية (أوفيد) وبإشراف UNDP فور سماعه عنه، ليختار تخصص دهان الأثاث حيث أنه الأسهل والأكثر تناسبا معه لأن لديه إعاقة حركية أسفل قدمه اليسرى وضعف عام في عضلات جسمه منذ الولادة، يشعر طارق بالفرح منذ التحاقه بهذا المشروع فهو يقارن وضعه اليوم بالأمس، فقديما كان يشعر بالوحدة والعزلة والانطواء عن المجتمع أما اليوم فهو يشعر بالاندماج مع محيطه وتغمره السعادة وهو يقدم لمجتمعه ما هو مفيد ونافع ومؤثر، لذا فهو يوجه رسالة شكر يملؤها الحب للمانحين والقائمين على مشاريع إرادة التي انتقلت بهم من حياة البؤس والعزلة إلى السعادة والاندماج مع المجتمع، يتوقع طارق أن تفتح له هذه المشاريع أفاقا جديدة ومستقبلا أفضل وحياة أجمل.

وليس بعيداً عن علا  وطارق الشاب أحمد الأخرس ابن مدينة رفح والذي فقد إحدى قدميه على إثر غارة صهيونية طالته وهو متوجه لعمله عام 2011، لكن أحمد الشاب الطموح صاحب الإصرار يكاد ينسى إعاقته فهو منهمك جدا بعمله وأمله وإنجازه فقد التحق بمشروع خلق فرص العمل للأشخاص ذوي الإعاقة الممول من صندوق الأوبك للتنمية (أوفيد) وبإشراف الUNDP حيث التحق أحمد بورشة النجارة في برنامج إرادة آملاً أن يتمكن قريبا من افتتاح مشروع خاص به خاصة وقد أصبح يمتلك خبرة كافية وقدرة على العمل والإنجاز بعد التدريب المكثف والعطاء الراقي الذي يجده من معلميه ومدربيه في برنامج إرادة.

ويتذكر أحمد بسرور المبلغ المالي الذي تقاضاه من المشروع قبيل عيد الفطر والذي كان مصدر سعادة له ولعائلته وأطفاله الذين اصطحبهم معه لشراء ملابس وحلويات العيد نهاية شهر رمضان.

إن هذه النماذج والأمثلة كفيلة أن ترسخ الحقيقة المهمة بأن لا سعادة بلا إرادة نابعة من قلب الإنسان ليحيا سعيدا ولا قوة بدون إرادة يتملكها الإنسان تجعله يتحدى كل الصعوبات ويمضي نحو الأمل والحياة.