+97082641421

الخريج من مركز إرادة يوسف أبو عون تخطّى ذكرياته الأليمة بإصرار والدته

 

 

بخطواتٍ متثاقلة يتنقل الخريج من مركز إرادة يوسف صلاح أبو عون نحونا، فإصابتين غادرتين في قدميه زادت من حجم ألمه، أصيب بأساسات جسده “قدميه الاثنتين”، فالإنسان كما البنيان قائم على أساسات ترفعه تسنده، تساعده على الوقوف، فكانت الإصابة بطلقٍ متفجر بقدمه اليمنى، وأخرى من الرصاص الحي في قدمه اليسرى في أحد الأحداث القائمة على أطراف قطاع غزة.

يوسف (19) عامًا أزهرها بالعزيمة والصمود والقدرة على تحدي اصابته، لا يزال ينتظر زيارة وفدٍ أسباني لقطاع غزة لإجراء عملية عصب لقدميه، علّها تعيد له بعض تفاصيل حياته التي كان يمارسها سابقًا.

الداعم الأول

ذكريات أليمة استجمعها بكامل قوته عن المرحلة الأولى لإصابته التي اعتزل فيها أصدقائه وأهله، علاوةً على عدم قدرته على مغادرة المنزل، لم تستطع الأم المكلومة أن لا تحرك ساكنًا أم ابنها الذي فقد حماسه وشغفه لمستقبله، فما كان منها إلا أن أصرّت عليه أن يلتحق بمركز إرادة بعدما تعرفت عليه عن طريق صديقتها التي كانت تتدرب بتخصص صيانة الحاسوب في المركز.

فبعدما أنهى يوسف مسيرته العلمية التحق يوسف بكلية تدريب غزة التابعة للأونروا بتخصص التكييف والتبريد، وعمل في هذا المجال إلى حين إصابته، فما كان من صاحب العمل إلّا أن يحضر بديل عنه للعمل.

ويستذكر الخريج: “في بدايات الإصابة كانت حالتي النفسية سيئة كباقي المصابين، فكل ما يجول بخاطري أن الحياة توقفت بمجرد الإصابة، فكان مشروع التدريب المهني للأفراد ذوي الإصابات المسببة الإعاقة في قطاع غزة بتمويل من مؤسسة التعاون في مركز إرادة هو المنقذ الأول لأغيّر نمط حياتي”.

ويتابع: “التحقت بتخصص لف المحولات الكهربائية؛ نظرًا لوجود محل واحد في منطقة البريج وآخر في النصيرات وسط غزة يعملان في مجال لف المحولات الكهربائية.

دقة واتقان في العمل

وكان لأصدقاء وزملاء التخصص في المركز دور كبير في أن يتغلب يوسف على حالته النفسية السيئة، فيقول: “بعد الانخراط في التخصص كوّنت العديد من زملاء المهنة إضافة الى المهنيين المدربين فكانت روح الأخوة والتعاون تسود بيئة العمل، الأمر الذي جعلني أحب التخصص وأتعرف على أكثر تفاصيله بشغف”.

لم يشكّل تركه للدراسة بعد المرحلة الابتدائية رغم تفوقه أي عائق أمام مسيرته المهنية والعملية فأصرّ على التفوق فيها، ويتابع: “تعلمت الكثير من المهارات في تخصص لف المحاولات الكهربائية، أبرزها: خطوات اللف المتساوية والمتدرجة، تعرفت على أنواع المولدات الكهربائية، تعلّمت على ساعة الفحص”.

 

لم يتوقف الزمن عند يوسف بالتخرج فقط فتدربت مؤخرًا عند مشرفه لفترة زمنية حتى أتقنت التخصص باحتراف، لينتقل بعدها لتقديم الخدمة لعدد من الزبائن الذين أثنوا على أدائه.

 

كانت أجواء فرحة التخرج من أكبر سعادة عاشها يوسف بعد حصوله على المرتبة الأولى في مجال تخصصه بالمركز، فشاركه فيها أهله وأصدقائه، وفي هذه الأوقات يخبرنا يوسف أنه يسعى لإنشاء مشروعه الخاص في مجال المحولات الكهربائية؛ حيث يعمل حاليًا على تجميع رأس مال مشروعه من خلال عمله الخاص للزبائن.