صنع بشقوق يديه أجمل الأثاث، بعزيمته وإرادته تحدى الصعاب، وبعزة نفسه وكرامته حاول أن يتغلب على الفقر ومرارة الأيام، عمل بوظائف جزئية كي يصون ماء وجهه ولا يسأل إنسان، جنى البلح بيومية بسيطة حتى تشققت وامتلأت بالكدمات يداه، هو محمد خليل كلاب شاب أصم يبلغ من العمر إثنين وعشرين ربيعاً.
عانى محمد من مجتمع ينظر للأشخاص ذوي الإعاقة السمعية “الصم” نظرة سلبية، فلم يتمكن من الحصول على فرصة عمل لائقة، فقد تقدم لوظائف كثيرة إلا أنه رفض لكونه أصم، سدت كل السبل في وجهه، فما كان منه إلا أن يقوم بأعمال شاقة ليجني من خلالها قوت يومه ويعيل نفسه وأهله. يقول محمد: “ولدت أصماً ولم أختر إعاقتي، ولكني راض بما كتبه الله لي، ولا زلت أؤمن بأني من سأصنع حلمي”
محمد قدر ذاته ولم يستهن بقدراته فأثبت لمجتمعه وللصم من نفس فئته بأنه خير قدوة ومثال، فعندما سنحت له فرصة للتدريب في ورشة نجارة الأثاث ضمن مشروع “تحسين فرص تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة” الممول من هيئة الاعمال الخيرية ببريطانيا، لم يتردد وجدي من اغتنام فرصة التدريب وعياً منه بأن التدريب سيفتح له أفق العمل في مهنة يثبت من خلالها نفسه. يقول محمد: “لطالما حلمت بتعلم حرفة أستطيع من خلالها أن أعمل وأقيم مشروعي الخاص، فسجلت في برنامج إرادة، بورشة النجارة، أحببت التدريب، شعرت بالأمان والانتماء، وشعرت بالسعادة كلما تعلمت شيء جديد، أصبحت قادراً على صنع الأثاث من الخزانات وأطقم النوم والطاولات”.
بداية جديدة لمحمد تحققت بالتدريب المهني إذ أصبح مؤهلاً للعمل في مهنة أحبها، فزادت ثقته بنفسه، واتسعت دائرة أحلامه، وأصبح يسعى ليحصل على فرصة عمل في هذا المجال. نجاح يعقبه آمال بغد أفضل وحياة كريمة. وسمو في التفكير لمسناه في حديث محمد عندما لم يفكر بنفسه فقط بل قال بأنه يأمل أن يساعد الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية ويثبت للمجتمع بأنهم قادرين على أن يكون لهم دور فعال في مجتمعهم.