ليلى أبوزبيدة ذات 28 ربيعا هي آنسة من ذوات الإعاقة في قطاع غزة, تتدرب حاليا في برنامج إرادة.
لم تستطع تلك الفتاة إخفاء تعبيرات وجهها عندما وجهت لها سؤالا عن سبب إعاقتها, وهي تسترجع شيئا مؤلما من الماضي، أخذت تسرد لي كيف أصبحت من ذوات الإعاقة.
كانت ليلى طفلة طبيعية لا تشكو من شيء حتى سن العشر سنوات وكانت تتحرك بشكل طبيعي كأي طفلة بعمرها. إلى أن جاء ذلك اليوم الذي كانت تهم فيه بالنزول عن درج منزلهم وشاءت الأقدار أن تنزلق قدمها و ترتطم بدرجات المنزل تباعا. بعدما وقفت على قدميها من جديد وتحركت حتى تثبت أن لا مكروه شعرت بألم شديد في ساقها اليسرى وأخذ يزداد بشدة بمرور ثلاث أيام على التوالي. إلى أن قرر والديها اصطحابها إلى الطبيب لإجراء كشف طبي وهنا كانت المفاجأة! فقد تعرضت ساق ليلى اليسرى من الجهة العليا وبالأخص منطقة مفصل الفخذ إلى التهاب شديد. وقد تم إجراء عملية جراحية ليتم التخلص من ألم الالتهاب ولكن العملية لم تنجح واستمرت معناتاها وآلامها حتى قرر الأطباء إجراء عملية جراحية لإزالة مفصل الفخذ الأيسر إلى أن يتم التنسيق بعدها لسفرها خارجا لزراعة مفصل جديد، وتمت العملية بنجاح.
وانتظرت ليلى بفارغ الصبر أن يتم التنسيق للسفر للخارج ومضت الأيام ولا جديد، وبسبب الأوضاع الأمنية التي يمر بها قطاع غزة ووجود سياسات الإحتلال الغاشمة لم تستطع ليلى الخروج لإجراء عمليتها حتى تعود فتاة طبيعية. ومع مرور الوقت التحمت عظام الحوض والساق اليسرى وأصبحت ليلى تشكو من إعاقة حركية وانضمت لقافلة ذوات الإعاقة في قطاع غزة. لقد عانت تلك الفتاة الأمرين بعد تعرضها لحادثة عرضية سببت لها إعاقة ستلازمها إلى الأبد.
وحين نظرت مباشرة إلى عينيها لمحت دمعة تحاول أن تخفيها وأخبرتني: “بعد أن أصبحت من ذوات الإعاقة عانيت من نظرات المجتمع المشفقة علي, نعم لقد كنت أتألم في نفسي فقررت العزلة والإنطواء، قررت الابتعاد عن الجميع، لم أكن معتادة على هذا الحال أن أحسب حساب كل حركة أقوم بها حتى أبقي نفسي بعيدة عن الاستهزاء والنظرات حتى اعتدت على وضعي الجديد. لم أسمح للإعاقة بإيقاف ساعتي الزمنية بل مضيت قدما في حياتي العملية والعلمية وحصلت على شهادتي الجامعية في تخصص علم المكتبات”.
وبعد ان أنهت قولها التفتت إلى طبق من السيراميك لتريني كيف تقوم بالرسم عليه ببراعة ومهارة رائعة، فقد كانت تتحرك يدها بكل خفة فوق السيراميك و أخبرتني أنها تحب الرسم كثيراً وأنها عندما علمت ببرنامج إرادة وبدورة الرسم على السيراميك والزجاج التحقت بها فوراً حتى تنمي موهبتها في هذا المجال وتتفوق به.
لقد أطرت مدربة ليلى على أداء ليلى في ورشة الرسم على السيراميك والزجاج وأنها من المتميزات بالورشة.
كانت ترتسم على شفتي ليلى ابتسامة جميلة وهي تخبرني: ” لقد بدأت من فترة أرسم على السيراميك والزجاج في المنزل مقابل عائد مالي، كم كنت سعيدة لأنني أصبحت اعتمد على نفسي”. لن تتوقف ليلى عند هذا الحد، فهي تأمل بعد تخرجها من ورشة الرسم على السيراميك والزجاج الممولة من الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون والمنفذة من قبل برنامج إرادة أن تعمل في هذا المجال حتى وإن اضطررت إلى التعاقد مع مكتبة والعمل بنسبة مالية معينة في المنزل.
لم تمنعها إعاقتها من المضي قدماً في حياتها بل وقررت أن تتحدى تلك الصعوبات التي تعيشها في ظل الظروف الصعبة التي تعانيها ليلى وفي ظل ارتفاع نسبة البطالة والخريجين العاطلين عن العمل وتتجه للأمام ولا تطأطئ رأسها الصعوبات. كما ووجهت ليلى في ختام حديثنا كلمة لذوات الإعاقة قائلة: “لا تدعن الإعاقة تكون حاجزاً بينكن وبين تحقيق طموحكن”.